Tuesday, May 22, 2007

لماذا لا تصهل خيولنا ؟

لماذا لا تصهل خيولنا ؟


تدهشنا لا ريب الافعال السياسية الفاضحة التي تقدم عليها الحكومة بجرأة تحسد عليها . ولكن ما يدهشنا اكثر ان تلك الافعال تمارس تحت اعين الجميع .. ثم تمر دون ان تحدث ما تستحقه من استياء او غضب , فقد تابعنا في الاونة
الاخيرة جهود الحكومة لابتال "الدستور" والعبث بنصوصه , والتذرع بحجة مكافحة الارهاب لالغاء ضمانات الحريات
العامة.

كما تابعنا جهود اخري قلصت من دور القضاء في رقابة الانتخابات من ناحية , واغوائهم أو رشوتهم من ناحية ثانية , بمد سن البقاء في الوظيفة واطلاق الانتدابات دون ضابط او رابط , وتوازي ذلك كله مع التوسع في القضاء العسكري
علي نحو مخالف لكل ما هو متعارف عليه في الدستور والقوانين المرعبة .
هذه الصفعات المتتالية التي تلقاها وجه المجتمع تباعا , جري تنزيلها علي ارض الواقع , حيث برأت المحاكم قيادات الاخوان , ولكن الداخلية رفضت اطلاق سراحهم , ثم صدر قرار بتحويلهم الي محكمة عسكرية , وهم مدنيون لا تتعلق
التهم الموجهة اليهم بالارهاب في أي باب .. ولكن محكمة القضاء الاداري لم تقتنع بالعبث الذي حدث في القضية , فأبطلت قرار الرئيس بتحويلهم الي المحكمة العسكرية , معتبرة انه غير قانوني ومخالف للدستور , الذي بنص علي
محاكمة المتهم امام قاضيه الطبيعي , وهو في هذه الحالة القضاء المدني العادي وليس العسكري , هذا الحكم لم يرض اجهزة الامن ولم يشف غليلها , فتم الطعن في القرار امام احدي دوائر المحكمة الادارية العليا .. التي قضت بجواز
احالة المتهمين الي المحاكمة العسكرية , وقد صدر ذلك الحكم بالمخالفة للاجراءات القانونية المتبعة التي من ابسطها ابلاغ المتهمين بموعد الجلسة واتاحة الفرصة للدفاع لكي يقوم بمهمته , ومما نشرته الصحف المستقلة فان كل شيء كان مرتبا , لان هناك اصرارا سياسيا علي سجن المتهمين تصفية لحسابات سياسية معينة .
ذلك كله حدث بينما الجميع في مصر يقفون متفرجين في ذهول لا يصدقه عقل , اذ باستثناء تعليقات نشرتها صحف
المعارضة , وفضحت تسييس الموضوع مع اهدار متختلف الضمانات القانونية , فان مؤسسات المجتمع المختلفة لم
تكترث بما جري , ومررته كما مررت ما سبقته من افعال سياسية فاضحة اخري .
هذا الشريط مر بخاطري وانا اتابع ما يجري في باكستان الان , بعدما اقدم الرئيس برويز مشرف علي عزل رئيس
المحكمة الاتحادية العليا افتخار شودري من منصبه في شهر مارس الماضي , وكان واضحا ان الرئيس ضاق بموقفه المستقل , ولم يعد يحتمل موقفه الذي دفعه الي ابطال خصخصة احدي شركات الحديد الكبري في باكستان , كما دفعه الي
تبني العديد من القضايا المرفوعة ضد الحكومة , وتتهمها بانتهاك حقوق الانسان من خلال اشخاصا واختفائهم او تعذيبهم بتهمة الارهاب , وا وجد الرئيس مشرف ان القاضي الكبير صار شوكة في حلقه , فاذا وجد الحل في عزله من
منصبه , غير ان قرار العزل لم يكد يعلن حتي اهتزت باكستان من اولها الي اخرها , وكان القضاة والمحامون والقوي السياسية المعارضة في مقدمة المجموعات التي تحركت لاعلان رفض القرار والاحتجاج عليه , فاستقال سبعة قضاة
وتظاهر المحامون وفشلت ثلاث محاولات لادانة الرجل قضائيا , وخرجت التظاهرات في المدن الكبري منددة بالقرار ومطالبة بالغائه واندلعت اعمال العنف في كراتشي لذات السبب , ولا تزال اصداء الحدث تتفاعل في انحاء البلاد منذ شهرين
حيث يقرا المرء هذا الكلام , ثم يتلفت حوله في مصر فيجد سطح المجتمع هادئا باكثر من اللازم حتي ومضات التحرك
المتواضع التي تلوح في الافق بين الحين والاخر فانها ما ان تظهر حتي تخبو وتختفي الامر الذي يثير العديد من التساؤلات حول مدي هشاشة المجتمع وتدجين مؤسساته وعجز نخبته "استثني نادي القضاة" وحول ما اذا كان ذلك
الهدوء ابتلاعا للاحداث الجسام التي تجري ام انه اختزان لها , لكني لا اخفي ان المسهد ذكرني بالمثل البدوي الذي يقول ان الخيول المخصية لا تصهل الامر الذي دفعني الي التساؤل : هل يصلح ذلك المثل تفسيرا للركود البادي في
مصر ؟

.بقلم : أ/ فهمي هويدي

2 comments:

صاحب البوابــة said...
This comment has been removed by the author.
صاحب البوابــة said...

كالعادة لن تصهل خيولنا

لأن فرساننا أمثال حسن مالك وخيرت الشاطر ومحمد بشر مشغولون بالتنزة في المعتقلات

و الراحة خلف الاسوار !!!

طبعاً لن تصهل أبداً بدون فرسان

تحياتي لحسن مالك الرجل الذي اعشقه لأنه حر شريف

------------

بالمناسبة سعدت للغاية عندما كنت اتصفح موقعكم

فوجدتكم قد قمتم بنشر مقال لي يتحدث عن دموع عائشة

تحياتي لكم

وتحية خاصة لأميرتي الصغيرة عائشة